السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسالة لصاحب الدش ..
اسمــع كلامي يا خوي واضحا من غير غـشْ
فيما يسميه الأنـــام بعصــرنا: طبقــــــا و" دِشْ"
هـــو بــوق تنـــصير لقســـيس لئيـــم منتفـــشْ
هو ضحكةٌ سكْرى ترنُّ وصوتُ عُهرٍ يرتعشْ
أخي الكريم /أختي الكريمة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد .. إليكم هذه الكلمات التي خرجت من قلبي .. فلعلها تصل إلى قلوبكم .. وامتزجت بروحي فلعلها تمتزج بروحكم ..
كتبتها بمداد المحبة والصفاء .. والنصح والوفاء .. فلعلها لاتجد عن نفسكم الصافية مصرفا ..
أخوتي / أخواتي .. إني لا أعرفكم .. وأنت لاشك لا تعرفونني .. لكنّ الذي جعلني أكتب إليكم .. هو ذلك الشيء الذي وضعتموه فوق منزلكم .. يناطح السحاب ويعانق السماء .. ويفتح قلبه لكل وافد .. ويصافح بيديه كل قادم .. قد مد قامته بكل فخر وسرور .. وقد رفع رأسه بكل تكبر وغرور..
ثم جلستم داخل منزلكم كهيئة وقوفه هو خارجه ..!!
فاتكأتم على ما لطف من الفرش ورقَّ .. واسترخيتم على السندس والإستبرق ..
وأمرت بالمرطبات .. وأصناف المأكولات .. وأغلقت النوافذ والأبواب .. ثم تناولتم مفتاح الجهاز بيدكم فقلبتموه كيفما شئتم .. ونفسكم الأمارة تقول لكم .. من مثلكم .. نقلوا فؤادكم حيث شئتم من الهوى هاهو العالم بين يديكم فتجولوا فيه أنى أردتم ..
فأخذتم تتنقلون ووجهكم تعلوه الابتسامة !! ونظراتكم تطارد المشاهد المكشوفة !! ولعابك يسيل على المناظر الفاضحة !! فمن فيلم إلى مسرحية !! ومن رقصة إلى أغنية !! ومن ذنب إلى معصية !! ومن صغيرة إلى كبيرة !! والعياذ بالله
فتشاهدون في هذه الشاشة البيضاء .. ما ينكت في قلوبكم النكتة السوداء .. فتتوالى هذه النقط السوداء على قلوبكم البيضاء .. حتى يغلب السواد على البياض .. فتموت قلوبكم ويبقى جسمكم .. ولاحول ولاقوة إلا بالله .. فتكرهون كل خير .. وتحب كل شر .. وتبتعدون عن كل معروف .. وتقتربون من كل منكر .. وتبدو على وجوهكم آثار كآبة وضيق .. وهم عميق .. ورغم كل الملهيات .. وما تملكونه من مسليات .. سوف تصبح معيشتكم ضنكا .. ولياليكم سوداء .. وسوف تعانون من الاكتئاب والطفش .. والحيرة والتخبط والفراغ .. لأن سيدكم ومولاكم
يقول : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )
أعرف أنكم الآن تغطون أعينكم لكي لا ترون شيئا غير جهازكم .. وتغلقون أذنيكم حتى لا تسمعوا أحدا سوى تلفازكم ..
أعرف أنكم تجرون وتجرون .. وأنتم لا تفكرون إلا بفيلم اليوم وسهرة الليلة ..
أعرف أنكم تجرون وتجرون .. وأنتم لا تفكرون إلا في الشرق ومغرياته .. والغرب وملهياته ..
أعرف أنك تجرون وتجرون .. وتلهثون وتلهثون ..
أعرف أنك تجرون وراء الشهوات .. وتلهثون وراء اللذائذ والموبقات ..
ولكنكم .. لا تعرفون أن في آخر هذا الطريق حفرة عميقة !! ذات هوة سحيقة !!
أخوتي أخواتي .. اسمحوا لي بأن أقف أمام وجوهكم في منتصف الطريق وأقول لكم : قــــــفوا !!
قفوا .. وعودوا إلى ربكم .. واتقوا النار .. اتقوا السعير ..
إن أمامكم أهوالا وصعابا .. إن أمامكم نعيما وعذابا .. إن أمامكم ثعابين وحيات .. وأمورا هائلات ..
والله الذي لا إله إلا هو .. لن تنفعكم تلك الأفلام والسهرات .. والرقص والأغنيات ..
قفوا .. مع نفسكم لحظة .. واسألوها : إلى متى يا نفس تجرين خلف الشهوات ؟؟!!
وتلهثين وراء المنكرات ؟؟!! كم سأعيش في هذه الدنيا ؟؟ ستين سنة .. ثمانين سنة ..
مائة سنة .. ألف سنة .. ثم ماذا ؟ .. ثم موت .. ثم الحساب فإما النعيم .. أو في نار الجحيم .. وماء الحميم ..
أخي / أختي .. تخيلوا أنفسكم وقد نزل بكم الموت .. ودخلتم القبر ورأيتم ظلمته .. ووحدته وضيقه ووحشته ..
تذكروا الملكين وهما يقعدانكم ويجدان بسؤالكم .. تذكروا كيف يكون جسمكم بعد الموت ..
تقطعت أوصالكم .. وتفتت عظامكم .. وبلي جسمكم .. وأصبحتَم قوتا للديدان..
تذكروا .. يوم تسمعون الصيحة .. إنها صيحة العرض على الله .. فيطير فؤادكم .. ويشيب رأسكم .. فتخرجون من قبوركم مغبرين حافين عارين .. قد رجت الأرض .. وبست الجبال .. وشخصت الأبصار لتلك الأهوال .. وطارت الصحائف .. وقلق الخائف .. وزفرت النار .. وأحاطت الأوزار.. ونصب الصراط .. وآلمت السياط .. وحضر الحساب .. وقوي العذاب ..
وشهد الكتاب .. وتقطعت الأسباب ..
تذكروا .. مذلتكم في ذلك اليوم العظيم .. وانفرادكم بخوفكم وأحزانكم .. وهمومكم وغمومكم وذنوبكم فتتبرؤون حينها من بنيكم .. وأمكم وأبيكم ..وزوجكم وأخيكم ..
تذكروا .. يوم توضع الموازين .. وتتطاير الصحف .. كم في كتابكم من زلل .. وكم في عملكم من خلل
تذكروا .. يوم ينادى باسمكم بين الخلائق .. يا فلان بن فلان : هيا إلى العرض على الله .. فتقومون أنتم ولا يقوم غيركم .. لأنكم أنت المطلوبين ..
تذكروا .. حينئذ ضعفكم .. وشدة خوفكم .. وانهيار أعصابكم .. وخفقان قلبكم ..
وقفتم بين يدي الملك الحق المبين .. الذي كنتم تهربون منه !! ويدعوكم فتصدون عنه !!
وقفتم وبيدكم صحيفة .. لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتْها !! فتقرؤونها بلسان كليل ..
وقلب كسير .. قد عمكم الحياء والخوف من الله ..
فبأي لسان تجيبونه حين يسألكم عن .. مالكم الذي أضعتموه !! وعمركم الذي أسرفتم فيه !!وأعينكم التي خنتم بها !! وسمعكم الذي عصيتم به !! بأي قدم تقفون غدا بين يديه ؟!! وبأي عين تنظرون إليه وبأي قلب تجيبون عليه!!
ماذا تقولون له غدا .. عندما يقول لكم : يا عبادي .. لماذا لم تُجلَّوني ؟! لماذا لم تستحوا مني ؟!
لماذا لم تراقبوني ؟!
يا عبادي .. هل استخففتَم بنظري إليكم ؟!
يا عبادي .. ألم أحسن إليكم ؟! ألم أنعم عليكم؟!
تذكروا يا رعاكم الله .. هذه المواقف العصيبة .. والأوقات الرهيبة .. يوم ينسى الإنسان كل عزيز وحبيب !! ولا ينجو إلا من كان له قلب سليم !! قفوا مع نفسكم هذه الوقفة المصيرية .. واعلموا أنكم ما وجدتم في هذه الدنيا إلا للعبادة .. ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) .. ولم تخلق للهو واللعب والعبث .. ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ..
أخي / أختي .. إني أخاطب فيكم دينكم .. الذي يحرم هذه المنكرات ..
وأخلاقكم التي تترفع عن هذه الشهوات ..
وعقلكم الذي يأبى هذه الترهات ..
وقلبكم الذي يخاف من هذه الموبقات ..
وغيرتكم على نسائكم العفيفات المحصنات ..
فانتصروا على نفسكم .. وتغلبوا على أهوائكم .. وأخرجوا هذا " الدش " من بيتكم وسيعوضكم الله خيرا منه في الدنيا والآخرة ..
ووالله ما كتبت هذه الأحرف .. ولا نطقت بهذه الكلمات .. إلا لخوفي على وجهكم الأبيض .. أن يصبح مسودا يوم القيامة .. وعلى وجهكم المنير .. أن يصبح مظلما ..
وعلى جسدكم الطري .. أن يلتهب بنار جهنم .. فعسى قلبكم الطاهر أن يلتقطها ..
ولعل نفسكم الصافية تستقبلها ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول
__________________
هاهي صحائفنا لعام 1428 هجري قد قاربت أن تطوى .. فيا ترى هل نسعد بها أم نشقى ؟؟
قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم :
( طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا )
أستغفر الله الذي لااله الا هو الحي القيوم وأتوب اليه ..